نُكرّس هذا العدد من "المجلة" للصالات الفنية ومقتني الفن السوري، والأحداث التي تركت أثراً على جمع الأعمال الفنية وتقديمها وعرضها. ويشتمل ذلك على التوجهات الحالية في مجال الدعم المؤسساتي، والمهمة الذي تضطلع بها بعض من أبرز مجموعات الأعمال الفنية في البلاد، إلى جانب التحديات التي تواجه الصالات الفنية، بالإضافة إلى منهجية التعاون بين الفنانين والصالات في سورية.
في هذا العدد، تتساءل رافيا قضماني "ما الدافع وراء اقتناء الناس للفن؟" في مقالتها المطولة التي تستقصي جذور جمع الأعمال الفنية في سوريا والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كان لها دور مشجع أو معيق للانخراط في اقتناء الأعمال الفنية. وبنظرة إلى الحاضر، يستعرض عصام درويش في مقالته "رسالة من دمشق" الوضع الراهن، ويتطرق للعقبات التي تواجه الفنانين والصالات، بالإضافة إلى التغييرات التي طرأت على مستوى رعاية الفن منذ الحرب، حيث يُشير قائلاً: "رغم عددهم المتواضع، إلا أن مجرّد وجود أولئك المقتنين كان كافياً لإحياء الآمال".
ليس هناك مرحلة كان فيها وجود حُماة للفن السوري أكثر أهمية من الوقت الحالي، ولهذا نتحدث مع اثنين من الأوصياء الأمناء على هذا الفن وهما خالد سماوي، مؤسس "غاليري أيام"، الذي يشاركنا الحافز الذي دفعه لتكوين "مجموعة سماوي"، ومنى أتاسي التي تأخذنا في رحلة ولادة مؤسسة أتاسي انطلاقاً من البدايات كغاليري للأعمال الفنية في مدينة حمص وصولاً إلى دورها المحوري كمؤسسة غير ربحية خلال الحرب الأخيرة، والمهمة التي تضطلع بها في حماية التراث السوري. تقول الأتاسي في المقابلة: "أهمية هذه المجموعة ليست مرتبطة بعدد الأعمال، وإنما باعتقادي أن لها أهمية تاريخية مرتبطة بتاريخ سوريا السياسي والجغرافي و بتاريخ الأشخاص والحيوات". يشتمل العدد كذلك على مساهمة من ابنتها، شيرين أتاسي، مديرة المؤسسة، بمقالة ذات طابع شخصي حميم عن المسار الذي أوصلها لتكون أمينة على المجموعة، وعن معنى مؤسسة أتاسي ومجموعتها بالنسبة لها على المستوى الشخصي، وكابنة وكمواطنة سورية.
أما في عالم الصالات الفنية، فتقدّم لنا ياسمين أتاسي، مديرة "غاليري غرين آرت"، إضاءات على آلية تعاون الصالات الفنية مع الفنانين – بدءاً من أولى الزيارات لمحترَفاتهم وصولاً إلى وضع برنامج الأنشطة للغاليري. وعلى صعيد آخر، يستعرض مقال آلما سالِم التحديات التي تواجه الفنانين السوريين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين مزايا الدعم المؤسساتي الأجنبي وما يعنيه ذلك من فتح أبواب أمامهم على المستوى الدولي، والمخاطر التي قد ينطوي عليها ذلك لجهة تكريس مفاهيم نمطية عمّا يجب أن يكون عليه الفن السوري.
ما من شكّ في أن الفن السوري يحتاج، وأكثر من أي وقت مضى، إلى فضاء يدور فيه نقاش مثمر، يمكن أن تتم فيه دراسة التاريخ الغني والقضايا الراهنة بشكل معمّق، والتشارك بها مع العالَم. ومن أجل هذه الغاية، نعلن عن إيقاف "جائزة الكتابة الفنية" وكذلك إعادة النظر في نمط "المجلة". هذا هو العدد الأخير بشكلها الحالي، ولكن في جعبتنا العديد من المشاريع المميزة، فانتظرونا!