كرّس ناظم الجعفري جُلّ حياته ومعظم أعماله لدمشق. موثِّقاً الناس وأنشطتهم وعمارة وأزياء العاصمة السورية، سعى الفنان بطريقته لحماية تاريخ المدينة من تمدد العمران الحديث، وذلك من خلال رسم بورتريهات ومَشاهد للمدينة وأهلها عبر توظيف الأسلوب الواقعي مع لمسات من الانطباعية، وهو ما قال عنه: "لم أترك زقاقاً أو حارة صغيرة أو كبيرة إلا ورسمتها بتفاصيلها الدقيقة، رسمت كنائسها وجوامعها، قببها، أسواقها، بيوتها وغرفها وسقاطات أبوابها (...) أنا أوثق وأؤسس لأرشيف يحفظها في ذاكرة الأجيال ".
وُلد الجعفري (1918–2015) في دمشق وتخرّج من قسم التصوير في كلية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1947، وكان ضمن كوكبة من الطلاب الموفدين إلى مصر إبان الانتداب الفرنسي. عقب عودته إلى سوريا، عمل أستاذاً لمادة الرسم في ثانويات العاصمة، ولاحقاً كمدرِّس في كلية الفنون الجميلة.
يُوصَف الجعفري بأنه شخصية متصّلبة أمضى معظم مسيرته الفنية الممتدة في شبه عزلة طوعية، ناتجة عن حادثة جرت عام 1951 عندما منحته وزارة المعارف جائزة تكريمية مناصفة مع فنان آخر. أثار ذلك استياءه من الوسط الفني واعتبر أنها رسالة بعدم استحقاقه الجائزة كاملة، وهو شعور رافقه لبقية حياته.
وكردّ فعل، التمس فرص عرض أعماله خارج البلاد، حيث قدّمها في أمريكا الجنوبية وأوروبا. تم الاحتفاء به عام 2006 بتنظيم معرض استعادي لأعماله في المتحف الوطني بدمشق، وإصدار كتابين عن حياته ومسيرته الفنية.
يُقال إن ناظم الجعفري رسم ما بين 3500 و7000 عمل حَفَظَ معظمها ضمن مجموعته لكي يتم وهبها إلى وزارة الثقافة لعرضها في متحف يحمل اسمه. وبما أن رغبته هذه لم تتحقق، تشير التقارير إلى أن باع معظم أعماله قبيل وفاته لتاجر فن لبناني بقيت هويته مجهولة.