انطلاقا" من ِروح البدايات- موضوع العدد الأول من المجلة، نسلّط الضوء في هذا العدد على عملَين من أعمال الفنان الرائد توفيق طارق (1875 – 1940). كان طارق من أوائل معاصريه من الفنانين الذين تابعوا دراسة الفنون في الخارج. سافر إلى باريس في العشرين من عمره، وأمضى السنوات الست التالية في دراسة الرسم بالزيت في أكاديمية الفنون الجميلة قبل العودة إلى بلده.
يميّز هذان العملان موضوعهما المختلفين. نرى في عمل طريق دُمّر (1908)، الذي تمّ رسمه بالأسلوب الغربي الشائع في ذلك الزمن، خط السكة الحديدية الذي كان يربط دمشق ببيروت. وُضِع ذلك الخط في الخدمة في العام 1895 وكان يمر ببلدة ريّاق. من هنا، وفي مطلع القرن العشرين، اتصل هذا الخط بقطار الشرق السريع مروراً بحمص وحلب. لا يمكن في يومنا هذا التعرّف إلى تلك المنطقة إذ أنها تقع في قلبِ منطقة مكتظة بالمباني. ولقد فُقدت مع مرور الوقت المناظر الحالمة للحقول والأشجار تحت ضغوطات تزايد عدد السكان وازدهارالتنمية الحضرية.
أما العمل الثاني، وهو لوحة دون تاريخ أو عنوان، فيصوّر درويشاً مولوياً ويجدر ذكره لأسباب عديدة، أقلّها اختيار الموضوع بحد ذاته. في مطلع القرن العشرين، اقتصر عادة الفن السوري على رسم لوحات لوجهاء المجتمع وشخصياته المرموقة ، مثل هذا الدرويش المولوي، وهو رئيس فرقة رقص. رُسمت اللوحة في زمن الانتداب الفرنسي في سوريا (1923 – 1946)، ومن هنا تنشأ أهميتها الكبيرة إذ أنها تشير إلى التبادل الثقافي في ذلك الزمن: فالشارتان اللتان يحملهما الدرويش هما العلَمان الأمريكي والفرنسي. تلك دلالة على مشاركة فرقته الراقصة في معارض عالمية في باريس ولوس أنجلوس.