عبر تركيزها على جسد الإنسان والحيوان، تستكشف النحاتة السورية نور عسلية عوالِم السكون والحركة، وهو ما تقول عنه: "قام والدي بتحنيط كائنات صغيرة كالعقارب والجَّراد والخنافس.. ولذلك فإني ببساطة أعتبرُ أني أحاكي والدي؛ فأنا أحنّط الوجه، ولربما أذهب أبعد من ذلك، إلى تحنيط اللحظة".
وُلدت عسلية في مدينة حماه عام 1984 وتخرّجت من قسم النحت في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 2005. نالت شهادة الماجستير في علم الجمال وتاريخ الفن المعاصِر من جامعة باريس الثامنة. أما أطروحتها لنيل شهادة الدكتوراه فأتت بعنوان "الهشاشة في النحت في النصف الأول من القرن العشرين".
تقديم أو المحافظة على أجزاء مبتورة من الجسد – واقعية كانت أم متخيَّلة – هو ما تصفه الفنانة بأنه حالة من "الحوار مع الموت". في تلك اللحظات التي تنطوي على ضعف وهشاشة، يمكن أن تنطوي حالة السكون والسكينة تلك على إحالة للعنف، وهو محور تستند عليه الكثير من أعمالها.
بدءاً من استخدام ورق الأرز الهشّ والشفاف ووصولاً إلى صبّ أو تغليف الخامات بالراتنج، تُشكِّل الشفافية، كمظهر ماديّ، جانباً أساسياً من أعمالها، وهو ما تُرجعه عسلية إلى الأثر الذي تركته ورشة والدها عليها: "حتى على مستوى التقنيات، أخذتُ من والدي تقنية الصبّ بالراتنج، وكذلك ما كوَّنته من فهم للدور الذي يلعبه الضوء وتأثيره البصري على الأعمال النحتية التي تم صبّها بمادة شفافة".
أعمال نور عسلية مُقتناة ضمن مجموعات عامة وخاصة، كما شاركت في معارض مختلفة منها معرض مؤسسة أتاسي، وبيت الفن في مركز الفن المعاصر في مالاكوف، وغاليري تانيت، وبينالي النحت في يير، وهي عضو في القافلة الثقافية السورية.