يُعتبر فاتح المدرِّس من أشهر الرسامين في تاريخ سوريا، وأصبح ذائع الصيت عالمياً باعتباره أحد روّاد الحداثة في البلاد بأسلوبه الفني الفريد المتأثر بالتراث السوري ومحنة أبناء الريف والاضطرابات التي شهدتها المنطقة.
وُلد فاتح المدرّس (1922–1999) في حلب ودرَس في أكاديمية الفنون الجميلة في روما، وأتمّ دراسته العليا في كلية الفنون الجميلة في باريس حتى عام 1972. بدأ بإدخال التجريد في لوحاته خلال وجوده في أوروبا، إلى جانب مزج تقاليد الفن السوري مع التقنيات الغربية، وأخذت موضوعاته بُعداً سياسياً أكثر فأكثر. إبّان عودته إلى سوريا، درَّس في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق وأصبح عميدها حتى عام 1993، وترك من خلال منصبه التدريسي أثراً بالغاً لدى أجيال متعاقبة من الفنانين. اشتُهر كذلك بأفكاره الفلسفية ومقالاته في النقد الفني التي نشرها بين ثنايا مجلات صدرت في المنطقة.
عكست أعمال المدرِّس التغيرات الاجتماعية والسياسية من تلك الحقبة ومنها أزمة القطاع الزراعي في سوريا والحرب الأهلية اللبنانية. كما سعى لتصوير المآسي والصعوبات التي واجهت الناس. رسم شخوصاً تنضح بالجدية والرزانة تحمل أسلوبه الفريد الذي يمتاز برؤوس جامدة مربعة الشكل تستحضر التماثيل الآشورية والشخوص التَّدْمُرية والأيقونات المسيحية. تَحْفَلُ الكثير من أعماله بألوان ترابية مع ضربات فرشاة مركبة وسميكة مع استخدام للرمل في ألوانه أحياناً.
استمرّ فاتح المدرِّس بالرسم حتى وفاته، وشاركت أعماله في معارض عالمية مثل بينالي البندقية، وساو باولو، ومعرض نيويورك الفني الدولي، ومعرض الفن العربي المعاصر في باريس، وبينالي سيؤول وبينالي القاهرة. وأعماله مقتناة من قِبل مؤسسات عديدة منها المتحف البريطاني؛ ومتحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة؛ والمتحف الوطني في دمشق؛ ووزارة الثقافة السورية؛ ومتحف دُمّر؛ ومؤسسة رمزي وسعيدة دلول للفنون، بيروت؛ ومجموعة جالانبو؛ ومجموعة الإبراهيمي، الأردن. أُقيم معرض استعادي لأعماله في معهد العالَم العربي في باريس عام 1995.