يُعتبر محمود حماد أحد الرواد المؤسسين لحركة التجريد العربي والحداثة في الفن السوري. وعلى امتداد مسيرته استقصى عدداً من المواضيع والأفكار وتبنّى تقنيات مختلفة، وقدّم في أعماله الأحرف العربية وشخوصاً ومَشاهد طبيعية.
وُلد محمود حمّاد (1923–1988) في دمشق، وكان في السادسة عشر من عمره فقط عندما سافر إلى إيطاليا للمرة الأولى واكتشف عوالم الفن الغربي. مستلهِماً من تلك الرحلة والتوجه القومي الذي كان سائداً في سوريا، استهلّ الفنان مسيرته بتقديم أعمال تتمحور حول الطبيعة السورية، وقدّم أعماله في معارض عدة بينما كان يُعلّم الفن في المدارس. وعقب الإشادة الكبيرة التي نالها أحد معارضه، حصل على منحة عاد بفضلها إلى إيطاليا للدراسة في أكاديمية الفنون الجميلة في روما ليتخرّج منها عام 1957. عاد حمّاد إلى دمشق عام 1960، وساهم في تأسيس كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، واستمرّ بالتدريس فيها بعد تعيينه عميداً للكلية (1970–1980).
تنوّعت أعمال حمّاد في مطلع مسيرته بين النحت والرسم والطباعة الفنية، وركّز على المَشاهِد الطبيعية والبورتريه في أسلوب يتراوح بين الواقعية والانطباعية. إلا أنه اشتهر بأعماله اللاحقة التي تظهر فيها تراكيب تجريدية ويتجلى فيها ذلك التوازن بين الشكل واللون. بدءاً من عام 1964 وحتى وفاته، قدّم حمّاد سلسلة أعمال وظّف فيها أسلوبا حديثاً وكان الحرف العربي أهم عناصرها. ومن خلال تنسيق الأحرف وترتيبها على فضاء الرسم، أضاف الفنان إيقاعاً للوحاته التي أبحرت أحياناً في عالَم التجريد بشكل كامل.
نال حماد العديد من الجوائز خلال حياته وبعد وفاته، ومنها وسام الجمهورية الإيطالية بدرجة فارس عام 1975، ووسام الاستحقاق السوري في الفنون والأدب عام 1979، ووسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى عام 1989 بعد وفاته. أعماله مقتناة ضمن مجموعات المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة؛ ومؤسسة بارجيل للفنون، الشارقة؛ ومؤسسة دلول للفنون، بيروت؛ ومجموعة جالانبو الفنية.