تخرَّجت الفنانة والمصوِّرة الفوتوغرافية ريم الخطيب من كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1992، ثم أكملت دراستها في المعهد العالي للفنون المسرحية. تعمل في مجال السينوغرافيا في المسرح الوطني في دمشق منذ عام 2013، كما أسست مشروع خيال الظل الذي يُعنى بتنظيم ورشات مسرحية تعليمية للأطفال. كما تضطلع بمشاريع أخرى، منها الانخراط مع الأطفال اللاجئين والتعاون مع متحف التيت البريطاني. تتركز جهود الخطيب على جلب الفنون البصرية إلى ’شوارع الناس‘ ليكون في متناول يدهم مع إمكانية التواصل مع شريحة أكبر من الجمهور. في هذه المقالة المصوَّرة، اختارت الخطيب مجموعة من لقطاتها الفوتوغرافية التي تأخذنا في رحلة إلى دمشق كما تعيش فيها اليوم لتصحبنا في جولة حميمية وشاعرية على سكانها وأزقّتها.
أفقدت الحرب الأشياء قيمتها.
ولم يعد هناك من يفكِّر باقتناء الفن أو البحث عنه.
كثيرٌ من الفنانين قرروا البقاء، وخاصة أولئك الرواد المتقدمين في العم،
رغم توافر الفرص أمامهم في أماكن أخرى.
لم يستطيعوا المغادرة لأنهم اعتادوا الحياة في دمشق.
التزموا العمل في مراسمهم ولم يهتموا بإقامة المعارض أبداً.
وأنا مثل كثير ممن بقوا، أصبحنا نبحث عن أُلفة في مراسمنا
بعدما تلاشى صخب الصالات والمعارض.
خَلَقْنا عوالمنا الخاصة لنتمكن من الاستمرار.
أغلقت جميع المراكز الثقافية الأجنبية أبوابها في دمشق منذ بداية الحرب.
ولم يعد هناك فرصة لمشاهدة تجارب حديثة أو أعمال فنانين من بلدان أخرى.
أغلقت أغلب الصالات الفنية أبوابها أيضاً،
ليعود بعضها للعمل في السنوات الأخيرة،
لكن دون أثر ملموس على الأعمال الفنية أو سوق الفن.
انطلاق مركز الفنون البصرية كمؤسسة فنية رسمية بمواصفات عالمية
كان يُتوقع منه إحداث فارق،
لكن عوامل كثيرة لم تمكّنه من دفع الحركة الفنية للأمام.
كذلك الأمر بالنسبة لفضاءات العرض الجديدة التي ظهرت أخيراً ولم تنجح بتقديم أي جديد.
إذ بقيت الأعمال الفنية المعروضة نفسها دون تتغير رغم ما عشناه في الحرب،
ورغم تطور الزمن الذي غيّر الكثير في الفن وفينا.
أغلق المتحف الوطني أبوابه لسنوات منذ بداية الحرب.
ورغم إعادة افتتاحه، مازالت قاعة الفن الحديث مغلقة أمام الزوار بداعي إعادة التأهيل.
أعاد المركز الثقافي الروسي فتح أبوابه في مطلع هذا العام.
لكن نشاطه استمرّ بالحد الأدنى.
ولم يكن لعودته أي أثر على الثقافة والفن.
في ظلّ هذا الوضع،
باتت الفرصة الوحيدة لرؤية أعمال فنية حديثة والاطلاع على ما يجري في عالم الفن
هو شاشاتنا الصغيرة المتصلة بالإنترنت.
فهي نافذتنا الوحيدة للتواصل مع العالم.
لكن في الوقت الذي نشعر بغياب الفن عن فضاءاته المعتادة،
نعود لنجده في تفاصيل شوارع المدينة الغنية والمركبة.
نتلمّس الفن في أثر الناس البسيط عندما يبوحون لجدران دمشق بعواطفهم وأحلامهم.
تستوقفنا أشياء في زوايا المدينة لتُذكّرنا بالأعمال الفنية التركيبية.
تسأل الوجوه بدمشق اليوم:
ما الذي حصل لحياتنا؟ وأي مستقبل ينتظرنا هنا؟
تخبرنا تفاصيل حياة الناس اليومية عن الصورة الكبيرة لدمشق الآن.
نص وتصوير فوتوغرافي: ريم الخطيب
2020
الترجمة للإنجليزية: باسل جبيلي