نسلط الضوء في هذا العدد على تجربة الفنان علاء أبو شاهين (مواليد ١٩٨٥م)، وهو نحات يستخدم في معظم الأحيان المعدن والورق. تتنوع أعماله بين الوجوه البشرية والكائنات الحيوانية مثل الحمير والدجاج. يعمل بتقنية ورق خاصة به، مثلما يتضح هنا مع هذه القطعة "بدون عنوان" من مجموعة مؤسسة أتاسي. يوضح أبو شاهين إلى أن هذه التقنية هي إعادة تدوير الورق، حيث يقوم بتحويل الورق إلى عجينة ليعيد استخدامه في العمل الفني.
بدأت تجربة علاء أبو شاهين باستخدام المعدن خلال دراسته في كلية الفنون الجميلة بدمشق، وبعد التخرج عمل بالجص ثم الشمع وأخيراً البرونز. عند انتقاله إلى فرنسا في عام ٢٠١٣ كان مجبراً على تغيير المواد بسبب عدم توفر مصهر، إلى أن تمكن لاحقاً في عام ٢٠١٦م من تركيب مصهر للبرونز في مشغله في باريس. ولكنه ومنذ بداية Covid-19 ، اضطر إلى العودة إلى الأعمال الورقية ، والتجريب ببدائل الجص.
بالنسبة إليه، إن الاختلاف بين العمل بالورق والعمل بالمعدن هو فارق نفسي أكثر من أي شيء آخر. يوضح قائلاً: «يتمتّع الورق بليونة أثناء العمل. أترك لنفسي متعة التجريب، لأنها تجعل عملية الخلق بأكملها مرحة ومريحة. العمل بالمعدن هو تفريغ للطاقة السلبية، في حين يمتلك الورق بعداً نفسيًاً، على الرغم من طبيعته الأكثر حساسية. «عادة عندما أشعر بالغضب أكتب رسائل أفرغ فيها غضبي، رسائل لن ترسل إلى الشخص المعني، لكنها ببساطة طريقتي للتعبير عن هذا الغضب، في وقت لاحق بدأت أصنع منحوتات من أوراق هذه الرسائل، راكمتها في طبقات، بحيث بات محتواها مخفي لكنها لم تختفي بالمطلق.»
غالباً ما تكون الشخصيات التي تنبعث منها الحياة في قطع من المعدن أو الورق المعجون ساخرة، تختلف، كما يشير أبو شاهين، عن الرسوم الكاريكاتورية. يقول: «إن الأشكال المختلفة التي أستخدمها، رجالًا أو أطفالًا أو حتى كلابًا ودجاجًا وحميرًا، تتبدّى بشكل تلقائي، لكنّها تمثل الأحداث والمشاعر التي كنت أعاني منها دون وعي. قد تنهض هذه المشاعر الصادقة بعد فترة طويلة من توالدها عن الحدث نفسه، وتتشكل وأنا أعمل على تمثال جديد. وبهذا المعنى، فهي ليست موضوعات أو أفكار مسبقة التصميم - بل هي نتائج عفوية للتجارب والمشاعر.»
منذ ولادة ابنته ريتا عام ٢٠١٤م طرأ أكبر تحول في عمل أبو شاهين، خصوصاً في عام ٢٠١٧ حين دخلت ريتا إلى لوحته وبدأ برسم الأطفال. يوضّح قائلاً: «اقتنيت كتاباً للأطفال، عبارة عن رسائل يخاطب فيها أبً ابنته الصغيرة، يثبت فيها بعض الذكريات منذ ولادتها. عندما كنت أقرأ لابنتي هذا الكتاب كنت استبدل اسم الطفلة باسمها، لكن بعد فترة وددت أن أرسل إلى ابنتي ريتا رسائلي الخاصة بالطريقة المألوفة لدي، وهي العمل الفني، فرحت أوثق بعض الذكريات، عيد ميلادها، يومياتنا معاً.. وهكذا دخلت ريتا إلى لوحتي. في بعض الأحيان تنتابها رغبة برسم خطوط في لوحتي، قد أتركها تفعل فنتوحد في اللوحة، لكني أقوم غالباً بالتعديلات حتى أعاود ضبط العمل تشكيلياً.»