فعاليات ومعارض

In the Age of New Media

Group Exhibition

AlSerkal Avenue, Dubai

November 6 – December 17, 2018


بالتعاون مع مجموعة السركال للمرة الثانية، نقدم عرضاً يضم ستة أعمال فنية متميزة لخمسة فنانين سوريين، يشهد لهم كل مختصّ ومتابع للحركة التشكيلية السورية. أربعة من هذه الأعمال من مجموعة مؤسسة أتاسي الثقافية، واثنين تم استعارتهما من الفنانين ليكتمل المشهد وتتضح فكرة العرض: الكلاسيكية المعاصرة، والقصد هو معاصرة اللوحة، بالإضافة لأعمال بتقنيات أخرى.

 

أردنا من خلال هذا العرض الإصرار على أهمية وجود اللوحة بمعناها الكلاسيكي أي لوحة الحامل وقدرتها على حمل بعد معاصر يتحدى الزمن، زمن يتبدى هنا بصورة لانهائية، فهذه الأعمال بقيمتها وقوّتها الفنية وعمقها الروحي والإنساني، يمكنها أن ترافق أي زمن وتحاور وجدان الإنسان.

 

فهناك عمل الفنان الكبير الياس زيات «الطوفان -الأرباب تهجر تدمر» الذي يرتكز على قصّة الطوفان المذكورة في كل من الأساطير الرافدية والتوراة والقرآن الكريم. يستعير الزيات هذه القصة التي وردت في عدة عصور، ليعبّر عنها بنص تشكيلي فني معاصر رائع، و يقول في نصه : «مفاد قصة الطوفان هو تنظيم الكون وإعادة بنائه بناءً مشرفاً بعد أن طافت به الشرور واكفهر من الظلم والبهتان.أي أن بعد كل طوفان ولادة جديدة وخصبة.» 

 

أما الفنان الشاب كيفورك مراد فيعود إلى بلاد الرافدين، في عمل فني بتقنية مختلفة تماماً، فهو يرسم على الموسلين ومن ثم يقطعه ويرصفه صفوفاً، ليقدم لنا عملاً تشكيلياً يعرض للمرة الأولى في دبي، له خصوصيته وحضوره القوي حيث يعلن فيه الفنان انتماءه لهذه البقعة من الأرض.

 

ومع الفنان القدير زياد دلول ندلف إلى عوالم فريدة، وإلى طبيعة لم نألفها قبلاً، قد تجري فيها المياه وتمتدّ فيها المَخادع، وتتناثر في بعضها الورود على الطاولات، فنحار إن كانت مُتخيلة أم واقعية! بل قد نتساءل كيف أمكنه تخيلها! فهي تبدو اختراعاً لعوالم أكثر رحابة من عالمنا المادي، أو لربما تكمن فيها خلوته وتأمله، يلجأ إليها بلا ملل كمتعبّد في محرابه، يرسم ويرسم، يلون ويلون، مراراً وتكراراً. إنها النشوة بحد ذاتها له ولنا على حد سواء.

 

ثم برهافة و إحساس المرأة وعنفوان مشاعرها، تمدّد الفنانة ليلى مُرَيْوِيد فراشاً خالياً، مهجوراً، بجانبه كتلة، ربما ثوب امرأة، أو لربما جسد امرأة، مرصّع بمهارة، على مدار أيّام وأيام، بصبر وأناة بالأحجار والالوان ومواد مختلفة، تنتظر، تحرض فضولنا لنسأل ترى ماذا تنتظر؟ الحبيب أم الدفء والأمان ! لقد أطلقت ليلى على هذا العمل اسماً جميلاً مؤلماً إنه: الإنتظار .

 

في الجهة المقابلة في المعرض، حذاء امرأة بحجم خارق، وسمكة نافقة مربوطة بحبال. ماذا يعني هذا كلّه؟ هل يعني أنه بالإمكان خلق عمل فني من حذاء تافه عتيق! نعم يبدو أن هذا بالإمكان فمهارة عبدلكي بالرسم والتشكيل تحول أكثر الأشياء رخصاً الى لوحة فنية معاصرة بديعة. ولا بد أن نفهم دلالات تلك السمكة النافقة المقتولة بتفاصيلها المرعبة: القهر، العنف، الموت، فأعمال عبدلكي محمّلة برموز ودلالات،نقد واتهام، ثورة وتمرد رغم الموت،وتعبّر عن أخلاقياته ومواقفه الانسانية، تلك الأعمال التي قد يظهر من تدرج سواد فحمها وسحر الرسم بعض البياض خفيفاً خجولاً أو يطفو بعض النور على سطحها ليعدُنا ربما بعالم أفضل وأكثر عدلاً.

 

لا يتحدى الزمن إلا العمل الأصيل النابع من الشعور، العمل الدائم والدؤوب لهؤلاء الرسامين والفنانين، فمهما اختلفت التقنيات وتغيّرت المفاهيم وتتابعت الأجيال، فإن الجمال والدوام لما هو حقيقي وأصيل، بل إن الحقيقة والأصالة هي الجمال بذاته.

 

منى أتاسي